ahmed_abdelnasr مشرف
عدد الرسائل : 327 العمر : 33 نقاط : 6017 السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 26/07/2008
| | آخر اعمالي (البطل الثائر .. حكاية بورسعيدية) | |
ما احنك لحظات الموت ... وما اشد وطأتها حينما تباغت الانسان في قريب له عزيز عليه غال لديه .... حقا يالها من لحظات اليمة وانت تنظر بعين الشفقة الى هذا الحبيب الغالي وهو ينازع سكرات الموت .. لكن جدي ليس مجرد رجل على شفا الموت والرحيل .. انه بطل كما كان يروي لي دائما .. لكنه وقبيل نزع روحه الطاهرة اخبرني ان سرا ما رواه لي و خولني ان ابحث عنه بين طيات مذكراته المليئة بالبطولة والثورة .. واعطاني مفتاحا ووصف لي الخزانة التي بها المذكرات .. وما ان ودعت جدي بقبلة حانية على حبهته المنيرة كبدر التمام حتى ارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة فاتسعت حدقتاه فتيقنت انه قد رحل عن دنيا البطولة والشجاعة والثورة
علا نحيبي واشتد حتى امتزجت دموعي المنهمرة بصوت مخنوق انفجر مع انهمار الدموع .. وانتزع الصراخ قلب من بالدار .. هؤلاء الذين غادروا غرفة جدي لما طلب منهم ذلك ليفض لي بهذا السر .. اسرع الاهل منكبين على وجوههم وقد اغرورقت اعينهم بالدمع وشهقوا شهقة الوداع حينما وجدوني احتوي جدي في صدري وانحب اشد النحيب
ذهبت على توي مع والدي واقاربي لدفن جدي وبعدها وقفت مصتفا لتلقي التعازي .. لكني لم اكن الق بالا للمتعازين .. حيث كانت يدي تبدو وكانها مثبتة بمسمار اشتد الطرق عليه فقواه .. كنت مشغولا بهذا المفتاح وذاك السر المكمون بين طيات مذكرات جدي .. وتعاركت عدة افكار في خاطري منها لما لم يخبرني جدي بهذا السر وانتهينا ؟؟ او حتى اخبرني بمكانه دون ان ابذل ذاك العناء في في البحث عنه بين طيات مذكراته!!!وكيف ساكتشف هذا السر واعرف انه هو ذاك المرجو؟ ... حتي انتهيت من تلقي التعازي فهرولت على اثرها دون ان اخبر والدي واسرعت الى بيت العائلة وطفقت ابحث على عجل وحب استكشاف عن هذة الخزانة ... حتى ادركتها فجربت بها المفتاح الذي اعطانيه جدي فلم يفتح ..اذن ليست هي!!
قلبت الغرفة راسا على عقب كنت كلما امسكت بشئ القيته الي ورائي حتى وجدت صندوقا اسودا غريبا قد التف بقطعة رقيقة من الكتان يشبه الحصالة لكن ليس لها ثقبا تندس فيه الاموال .. لاحظت لها قفلا غليظا .. فاسرعت بادخال المفتاح فيه وادرته بداخله فانفتح الصندوق لكني لم اصدق عيناي لقد وجدت بعض الصور اعرف انها لجدي وبجواره بعض الرجال يبدوا عليهم انهم يهود حيث يظهر في الصورة علما اسرائيليا واخرى له مصافحا بعض الجنود الاسرائليين وقد كُتب على ظهرها بلون الدم عبارة بالعبرية لم افهمها ... واثناء عبثي بالصندوق وجدت طبنجة ثقيلة قد لُصق عليها ورقة مكتوب عليها جملة ايضا بالعبرية وتحتها عبارة بالعربية تقول : (كي تصل الى الترجمة اقرأ المذكرات ) ... !!!!
ما ان قرات هذه العبارة حتى اشتعل حنقي وغيظي واصررت على العكوف على تلك المذكرات لبحث تفاصيلها ومعرفة ترجمة هذة الصور وتلك العبارة العبرية .... وبينما انا اتصفح المذكرات قبل قراءتها اذ بي اجد بعض الخرائط القديمة لمينة بورسعيد وعليها قد حثددت الفرما وتنيس وبلبيس والمنزلة وفم الجميل ... واخرى لحفر قناة السويس وبعض الخرائط لحرب اكتوبر ثم وجدت صورة لجدي وهو يصافح جمال عبد الناصر !!!!!!!
جلست امام محتويات الصندوق مشدوها مقبوض الصدر وعزمت على قراءة هذة المذكرات حينها لم ينفك صدري ان يخفق باضطراب شديد لكني ما ان بدأت بالقراءة حتى استقر الخفقان وانكشف الستار عن اسرار الفقيد !!!!!!!!!!!!!!!!
(قد يذكر المرء شيئا من طفولته لكنه لا يذكر جم طفولته ... وما اذكره هو ذاك البيت العتيق الصغير المتهالك والذي يعود الى مئات السنين ... عندما هاجرت احدي القبائل العربية في رحلة موسمية للتبضع من مصر ، حتى اهلكهم السفر واشقاهم الترحال ، فاستقر بهم المطاف في هذة الجزيرة المحاطة بالماء من جميع الجهات ، وسميت فيما بعد
بالفرما ، فمر عليها الفتح الاسلامي والغزو الصليبي ، وكانت كلما هُجرنا عدنا اليها حالمين بغد افضل ، فهذة اصالة الجذور ، وهذة اصلة الفروع .... ونحن الفروع تلك التي اراد العدوان الثلاثي قصمها عام 1956م ... فيا له من يوم مشهود لا انساه عندما نزل الجنود البريطان والفرنسيين بالبراشوت في الجميل ، فهجموا على الاهالي هجمة واحدة ، وحاصروهم جوا وبرا وبحرا ، عندها اخذني والدي من يدي وشدني واخوتي فأمرنا بالرحيل ، وجمعنا بعض امتعتنا وتركنا البعض الاخر ، وفررنا من العدوان الكاسر والجيش العرمرم ، وعبرنا الى الضفة الشرقية لبحيرة المنزلة ، حيث منطقة تسمى القابوطي ،عندها اصر والدي على البقاء بهذة المنطقة في الوقت الذي توسلت امي الية كي نكمل الهجرة الى احدى المناطق المجاورة اقصى من هذة المنطقة .... لكن قرار ابي كان صارما ، لم يكن من الجبن ليترك بلده واهله في هذة الفترة العصيبة ، لكنه يحب اسرته حبا جما فماذا يفعل اذن في هذا الصبي وتلك الطفلتان الصغيرتان وامهما المسكينة؟؟؟!!
قرر والدي ان ترحل الام وابنتاهما مع احدى القوافل الظاعنة الى المنطقة المجاورة ، وابقى عليّ _انا_كي اشد من ازره واعضد على كتفه .
انضممنا الى احدى فرق المقاومة الشعبية ، حيث كنا نكيل بمكيالين ونرد الصاع صاعين ... ولم تسلم صولاتنا من قتل لجنود النجليز ودحر لقواتهم ... لم تخر قوانا للحظة ولم نضعن ولن نيئس ، حتى امدنا الرئيس جمال عبد الناصر بجيش كبير ليقاتل معنا ويساندنا ويهيّج شرارتنا.
كانت المقاومة عنيفة وكان الفدائيون يسحقون العدوان ويدحرون مخططاتهم للوصول للعاصمة ... لقد دافعنا عن مصر كلها وليس بورسعيد وحدها ... وما اهدئ ثورتنا قرار مجلس الامن بوقف العدوان الثلاثي على مصر ، عندها رأيناهم وهم يغادرون البلاد ،يجرون ذيول الخيبة والندامة يصفقون لهذا الشعب البطل الجسور ، رأيناهم يزحفون عن ارضنا سادمين نادمين منهزمين ، رأينا كلابا هاجت على عظمة فوجدوها غليظة ليس باليسير قصمها فتركوها ورحلوا !!!!
عاد الاهالي المهجّرون .. وعادت امي واخوتي معهم ، وفي نفس المكان .. عدنا لنعمره ونبني منزلنا القديم ونرفع اساسه من جديد بعد ان دُمر على يد الكلاب ، حينها يرى الجيمع انه حتما على السعادة ان تفيض على ارض الفداء ، لكن سعادتي تجزات باستشهاد والدي ورب اسرتنا ومعيلها الوحيد في ذاك العدوان الجائر الغاشم .... حينها ادركت ان عليّ مسئولية تفوق حمل الجبال ، بل تعجز الهزاجر الكواسر والنمور الوحشية على اتيانها !!!
حينها وعيت لأسمي "محمد" في السابق كان طفلا اما اليوم فهو شابا يافعا في السابعة عشر من عمره .. حينها تذكرت ابي المرحوم " السيد رجب " .... حينها اشفقت على حال اسرة كاملة ،امهم السيدة " نعمة " .... حينها بكيت على يتم طفلتين "بهية "و"هنية" ... حينها فاضت عيني من الدمع قهرا على هذا المولود الذي اقبل على الحياة اثناء العدوان بعد تهجير اهلي الى المنطقة المجاورة القاصية ..... حينها ادركت ان عليّ ان اكون قدر المهمة .. فعملت لها قدرها !!!
عملت بالبناء خلال فترات اعادة التعمير ،كنت اتقاضى دخل غير مجزي ولا يكفي سوى للطعام والشراب .... لذلك اشتغلت بائع سجائر على الطرقات ، ومنها الى صبي فرّان ، ثم عامل بسيط في محل سوبر ماركت ...
خلال تلك الفترة كانت امي تساعدني في تدبير حال تلك الاسرة المتعثرة الحال ، ثم عامل بسيط في محل سوبر ماركت ... خلال تلك الفترة كانت امي تساعدني في تدبير حال تلك الاسرة المتعثرة الحال ، فقد عملت بالخياطة في احدى مصانع الغزل ، ثم عملت بعدها عند احد الجيران في محله الخاص ببيع الملابس المحلية الصنع ... عندها كنت اعمل بكل جهد وعزيمة وكفاح .. حيث لم اخر يوما من مشقة العمل ، لذلك اصبت عناية خاصة لدى صاحب السوبر ماركت .. فعنى بي عنيا لما رأه من اخلاصي وامانتي ، لذلك كلفني بادارة الحسابات مع زيادة في الاجر، وهكذا لم يغفل الله عن هؤلاء اليتامى !!!!
بلغت من العمر عشرون عاما .. لكني كنت قد نضجت عند العاشرة لمّا عرفت معنى المسئولية وكيفية تحملها ... عندها لم يجد صاحب السوبر ماركت افضل مني ليكون زوجا وفيا مخلصا لأبنته الوحيدة "فاطمة" ... لقد كنت على علاقة طيبة معها مضرجة بالحب والصدق ، مفعمة بالوفاء والاحترام والخجل ، كم تمنيتها زوجا لي ، فهي تلك الفتاة التي تشابه امي جد الشبه في اخلاقها وسمتها وسلوكها ... تقدمت لخطبة الفتاة وما لبث الاب ان عجّل بالزواج حيث الاستقرا والسكن والمودة .... ولقد منحني الله منها الولد والبنت ... وهبني الله توءما ما اودعهما وما اجملهما وما الطفهما .... لكني الان اصبحت ربا لأسرتين و معيلا لخمس اطفال وامرأتان ، لقد تراكمت عليّ الديون وثَقُل الحمل فزمجرت بي عواصف شتى حتى قررت السفر للعمل بالخارج ، وتركت الاسرتين حملا ثقيلا على كاهل والد زوجتي " الحاج مجدي السماك" ، على ان ارسل لهم مبلغا ماليا كل شهر يمكنهم من ادارة شئونهم خلال فترة غيابي عنهم .....
فكان الامر ... على تبرم ورفض من فاطمة !!!!
كان قرار سفري للعمل باليونان قرارا شائكا للغاية ، لكني لتخذت القرار بناءا على مهاراتي المتعددة وقدرتي على التعلم واستيعاب كفاءات جديدة ومهارات اخرى ... ذلك بالأضافة الى احاطتي بالانجليزية ؛وذلك لأنني كنت اعمل مع والدي بحّارا على سفينة شراعية صاحبها اجنبي ،حيث كنا نجوب السواحل مع الاجانب فعلمتني التتجارب والخبرة والسفر البحري فن التعامل مع الاخرين ......
| |
|
2008-12-12, 2:05 am من طرف ahmed_abdelnasr