ومن جديد.....ورحت أجرى وراءه
(1)
(لم أدر ما الذي جذبني لهذا الشيء، بل لم أدر أصلاً ما هذا الشيء ،كل ما أعرفه أنني أجري وراءه 10 سنوات من عمري،10سنوات أجري وراءه ولا أعرف ما هيئته ،أعرف أنني فقدته أياماً .. هذه الأيام كنت فيها في قمة السعادة ،أفقده يوماً و يومين وأحياناً أخرى أسبوعاً أو ثلاثة أو أربعة أسابيع ،ولم أفقده أكثر من ذلك ،في كل مرة يأتيني أعرض عنه إلا في المرة الأخيرة كنت أذهب إليه رغماً عني).
في هذا اليوم ذهبت إلى شاطئ البحر أناجي أمواجه العاتية أملأ صدري من هوائه النقي صباحاً ،وألقي بنفسي في حضنه الحنون ،جلست على الكورنيش أستنشق الهواء العليل وقد أعطيت ظهري للغادي والرائح فقد كنت أنشد التركيز ،وجلست أفكر .
آآآآآه لقد مر كل هذا العمر و......... وفجأة لمحت ذلك الشيء أعتقد أنني أراه الآن ،إنه شبح مخيف ولكنه جميل من بعيد فقط من بعيد ،فلو اقتربت منه تظهر تلك الصورة القذرة والرائحة العفنة ،تماماً كالسراب (يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عنده فوفاه حسابه )ولم أقاوم هذه المرة ، خرجت من عزلتي واتجهت إليه أركض والعجيب أنه هو من يهرب لا أدري لماذا هرب..
أعتقد أنك تركت شيئاً وراءك.. تركتني ... لا تتركني أريدك وظل يجري ويجري إلى أن تركنا الرمال
وجرينا ......... وجرينا ................ وجرينا ..............................
(2)
هبط الليل مضاء بنور القمر، كلؤلؤ في صفحة السماء وبابتسامته الخلابة ليلة تمامه .
وفي ذلك الشارع لم أجد له ضوءًا وأخيراً استطعت أن أمسك به،من أنت لماذا تلاحقني و اليوم تهرب مني؟ ،التفت إلي ذلك الشيء وظهر لي وجهه بابتسامة مقيتة: ألا تعرفني انظر جيداً انظر ودقق ألا تعرفني؟ أنا صدر تلك المرأة وفخذها، أنا ذلك الدخان المملوء بالقطران، أنا ذلك الصوت ، صوت ذلك المطرب المشهور ، أنا تلك السيارة الفخمة ، أنا الخمر والدم أنا المال والأولاد ، أنا الذنب يا أحمق ، تلهثون جميعاً ورائي أسحركم بتلك الهالة والسراب الخارجي ،
لقد تعاهدت أنا وإبليس عليكم يوم المعصية والرفض الأكبر ،ولا أدري ما سر انبهاركم ولهاثكم وراء ذلك الشيء المستدير الذى لو ظهر لك كاملا لنفرت منه أتدري لماذا ؟ لأنها عورة سوءة تسوء من ينظر إليها ،والحمقاوات فقط هن من يفرطن في عزتهن ويظهرنه، وهذا الدخان الذي لا يوجد في مكان إلا اختنق كل من فيه ، أو حتى تلك الحسناء الفاتنة ،أما تدرى أنها تعانى الحيض ،ألا تدري أنها تبول وتغوط ،ألم تراها حين تستيقظ من نومها؟ ،الأفضل ألا تراها ،وذلك المزمار الشيطاني كيف تستغني به عن كلام الله ،وحتى تلك السيارة الفخمة.. حادثة صغيرة وتصبح خردة لا تباع بأرخص الأثمان .
أنا ألاحقك حتى تقع في شباكي فإذا وقعت لن تفلت أبداً ،طاردتك سنة ونصف ، سنة ونصف أزرع لكي أحصد ما تبقي من عمرك. أتذكر يوم وفاة عمك أتذكر يوم أن جاء الرفاق إلي بيتك أتذكر ذلك اليوم وذاك .
لكنك سرعان ما تتوب وهذا ما يرهقني معك أنك تتوب ،قد تقع في الذنب مرة أخرى ولكنك سرعان ما تتوب ،مهما حاولت إقناعك لا فائدة .. تتوب ثم تعود ثم تتوب وتعود.
ثم تتوب وتعود وتعود وتعود لكن في يوم من الأيام سأقضي علي تلك التوبة حتى أجهز لشبكة صيد أخرى
(3)
ولم أعد أحتمل كلامه السخيف بعد ،كلا إنك لن تعيش لتصيد غيري لاااااااه وانتابتني حالة من الهياج العصبي وانهلت عليه ضرباً حتى فقدنا توازننا وسقطنا، لا لقد سقطت وحدي بل لم أكن أضربه أصلاً ، كنت أضرب الهواء ومددت بصري إلي نهاية الشارع لمحت وجهه على ضوء المصباح ووجدته يبتسم تلك الابتسامة المقيتة ،وأعطاني ظهره وولى ،وبعدها تنبهت إلى صوت مألوف سمعته قديماً مراراً صوت المؤذن.الله أكبر الله أكبر ....... حي على الفلاح .
وكان المسجد قريباً ،وبخطوات قليلة لكن ثقيلة ذهبت ،يصدني الشيطان ويحرضني على الرجوع لكنني لم أتراجع ،دخلت المسجد وتوضأت وصليت تحية المسجد وجلست أقرأ القرآن ويا لها من آيات صعبة (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكةٌ غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ) وجلست أتفكر ما قرأت و.... قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله .
تنبهت إلي صوت المؤذن قمت فحضرت الجماعة وسمعت مع الملائكة (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمه الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ً إنه هو الغفور الرحيم ).
وبعد الصلاة جلست أستعيد ذكريات عُمر، ذكريات عمري كله ،مرت أمامي كشريط ، الطفولة ،المرحلة الابتدائية، اللحظات البريئة، المرحلة الإعدادية، الدراسة الثانوية ،الجامعة، التجنيد، العمل .... تلك الدوامة القذرة
(4)
خرجت من المسجد ورجعت ، لا أدري كيف قطعت كل تلك المسافة خلف ذلك الشيء القذر ،عدت إلي أحضان البحر الحنون ، وفي ذلك الوقت كانت الشمس تفتح عينيها ليوم جديد وذلك الضوء الخافت مع شاطئ البحر وجلست أفكر فيما قاله الشبح وأفكر ولم أفق إلا على حرارة الشمس اللافحة وصوت من بعيد ، ومن بعيد لمحت صدراً وفخذاً وذلك الشبح يبتسم ،لا ،لا أريد العودة ورحت أجري وأجري حتى جثوت على ركبتي من فرط التعب لاااااااااااااا ،ولكن من جديد لمحته بابتسامته المقيتة...........
ومن جديد....... رحت أجري وراءه
دي قصه قصيره
أول حاجه كتبتها
ورجعتها عشان خاطر عبد الله صاحبي
2008-09-05, 11:24 pm من طرف dr.eman